afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

القرار الأممي 2153 … كسب الجميع … عفوا بل خسر الجميع الرهان‎

 

الصحراء لايف : بقلم عبد القادر داود


تمت المصادقة على القرار الأممي  2153 المتعلق بالصحراء، دون أن يسجل اختراقا كبيرا على مستوى جوهر القضية ، بالرغم من الحاحه على ضرورة عودة المفاوضات بين الطرفين بمرجعيات واضحة ، الا أنه نجح من جديد في تبني الحلول الوسطى الممعنة في الاتزان وحفظ ماء وجه كل الأطراف ، وهو ما حذا بالجميع إلى الإشادة بالقرار والترحيب به ، وبالتالي ترحيل الحديث  عن  الحل النهائي  للقضية  الصحراوية  لسنة  أخرى  كأقل تقدير.


نجحت فرنسا في ما أخفق فيه الجميع تأجيل حل النزاع في أفق تأجيل لتأجيل غير معلوم الأجل .


القرار 2153 لم يخرج عن مناقشة موقعة الكركرات والدعوة إلى مفاوضات مباشرة بين الطرفين ، وكذلك تكريس محورية حقوق الانسان ضمن الأجندة الدولية دون الحديث عن الأجرأة أو الجدولة الزمنية مربط التنزيل العملي لبنود القرار الذي لا يساوي الحبر الذي كتب به، في ظل ترهل المنظمة الدولية و التي لم تعد قرارتها تردع أو تخيف أحد في هذا العالم .


ولتشكل مسألة الكركرات  فخا حيكت شباكه بعناية فائقة ، جرت اليه جبهة البوليساريو دون طرح ومناقشة أهداف و غايات فتح هذه الثغرة النائمة لسنوات من الزمن، وكذا الخطط البديلة خاصة بعد الواقع الذي أفرزه الإنسحاب المغربي يوم 26 فبراير الماضي ، والذي أخر المنظمة سنتين عن البت في جوهر النزاع ، إلا أنه وبالرغم من النجاح النسبي للجبهة في الخروج الآمن من هذا المأزق الحرج في الوقت الميت ،وذلك استجابة لضغوط دولية وإقليمية من ” دول صديقة ” ، والتي كللت بانسحاب مقاتلي جبهة البوليساريو من الكركرات ، وهو ماتم إبلاغه لرئيس مجلس الأمن المندوبة الأمريكية ” هيلي كيلي” عن طريق الرسالة التي سلمها ممثل جبهة البوليساريو السيد” البخاري أحمد” وذلك يوم 27 ابريل 2017 أي قبل أقل من يوم واحد على إعتماد القرار الأممي.


نجح مجلس الأمن في إعتماد قراره الجديد بالإجماع ، وخرج الجميع مهللا ، ولاشك أن المغرب قد خرج منتصرا من هذه المعركة حين ضمن انسحاب جبهة البوليساريو من الكركرات ، وخلو الطريق بينه وبين افريقيا من أي عائق ، كذلك ربحت جبهة البوليساريو من وراء القرار الجديد عديد النقاط من خلال ضمان عدم إدانتها من مجلس الأمن  وتكريس مرجعية مبدأ تقرير المصير كأساس للحل، بعد سحب الجملة التي دسها غوتيريس ” صديق المغرب “باعادة النظر في طبيعة و شكل تقرير المصير”  ، علاوة على الدعوة لمفاوضات مباشرة بين الطرفين برعاية مجلس الأمن ، فالملاحظ عموما ان الجميع تقاسم محاسن القرار الأممي ومساوئه كذلك .


اليوم وبعد هذا القرار الذي كان نسخة طبق الأصل عن جملة قرارات سبقته تعود الأمور للمربع الأول، فجبهة البوليساريو أخطأت التقدير في موقعة الكركرات تحت و طأة وضغط عواطف ابنائها، لتجد نفسها اليوم مضطرة لإبتلاع قرار الانسحاب تحت مسمى إعادة الانتشار، وفي موقف أكثر من محرج بعد أن فقدت البوصلة و العبارات لتهدئة نفوس من شحنتهم بأن موضوع الكركرات قرار لا رجعة فيه فكيف التبرير ؟!!


أما المغرب فقد بات منتشيا بالشراسة الفرنسية في الدفاع عن طرحه و مزهوا بازاحة بان كي مون و روس اللذين قضا مضاجع الدبلوماسية المغربية و لثماني سنوات كاملة .


ويبقى الجديد بالنسبة للجبهة هو بروز موقف منافح عن طرحها في شخص روسيا الاتحادية الموغلة في حروب الحسين ويزيد بأرض الشام ، و التي لم تنجح في حسم نسبة دم قميص عثمان لخمس سنوات عجاف  لأي من الفرقاء .


يجمع أغلب خبراء العلاقات الدولية أن العالم يتجه للتوافق بين القوتين العظيمتين المتحكمتين في مصائر العباد و البلدان بهذا العالم بين الروس و الأمريكيين، حول سلسلة من الملفات الدولية العالقة أهمها الملف السوري و الايراني و نووي كوريا الشمالية، و جملة من الصراعات التي لا تنتهي و تشكل تهديدا جديا للسلم و الأمن الدوليين، ويبقى نزاع الصحراء الذي لا يدار على صفيح ساخن مؤجل الى حين تتحدث بنادقه و مدافعه .


تم التصويت على القرار الاممي و ضغطت روسيا والاروغواي وتم تهذيب لغته إرضاء لغرور الروس، لشرعنة تسديد الجزائر الفاتورة كما ستؤدى فاتورة الموقف الفرنسي ” النبيل ” من ميزانية المملكة .
وستظل جميع الأطراف و شعوب المنطقة رهينة لشراء مواقف الفاعلين الكبار في لعبة شطرنج الكل مفعول به فيها، و تأجيل المشروع الغربي لبلقنة المنطقة دون الغائه .


هلل المغرب بانسحاب جبهة البوليساريو  من الكركرات، و اعتبره نصرا مؤزرا لدبلوماسيته التي وفقت في جر المجلس لمناقشة تفصيلة فرعية من النزاع بعد أن تم استهلاك السنة الماضية في أزمة طرد المكون المدني من بعثة المينورسو، التي تحولت لنقطة جوهرية في جلسات المجلس وكأن البعثة الجاثمة بالمنطقة منذ 1991  تمتلك مفاتيح الحل وهي الحاضر الغائب و شاهد الزور الذي لا يسمع الا همسا .
جبهة البوليساريو ايضا اعتبرت القرار الأممي نصرا و تمكينا لها، بعودة المفاوضات و ليغني كل على ليلاه وهذا ديدن الجميع في شهر الكذب وكل فصول السنة، وليبتر كل منهما الجزء الذي لا يتماهى و مصالحه مع التنكر لتفاصيل القرار الأخرى بالرغم من أن الشيطان يكمن في التفاصيل، و المقصود هنا ليس الشيطان بفهم البيظان، لأن هؤلاء حكم عليهم الجلوس في قاعة كبيرة للإنتظار انتظارية قاتلة لا لشيئ، سوى الإمعان في قطع النسل و الرحم وتكريس الشتات و الفرقة و الألم.


يمكن القول دون ريب أو وجل أن الدرس الوحيد المستفاد مما جرى وسيجري هو أن من يرسم الحدود ومن يحدد الخطأ و الصواب هو مجلس الأمن الدولي، فالكركرات اعتبرتها الجبهة أرض محررة و المغرب يعتبرها منطقة عازلة أمام اعضاء المجلس، اما على المستوى الداخلي فحدود المملكة تتوقف عند لكويرة ، لتكون الكلمة الفصل ان الكركرات منطقة عازلة وانتهى الكلام، اذا يجب ان تخضع المنطقة لسلطة المينورسو وعلى الجميع الإنسحاب أو اعادة الإنتشار .


رحلت القضية مرة أخرى  ، تعرض همومها بردهات المحافل الدولية، وصيغ القرار الأممي حول الصحراء بلازمات قديمة جديدة، تكرر العزف على ذات الأوتار البالية ، قضية  شاء لها القدر أن ترتبط مرغمة و مكرهة بشهر الكذب .


اجتمع ممثلو الأمم فقرروا بعد مناقشات طويلة التوافق على توصيات جديدة ومبعوث جديد، لمفاوضات عميقة عقيمة .


ذات العبارات تتكرر على مسامع من طواهم النسيان في مخيمات اللجوء، وتمخضت ورقة الكركرات الضاغطة عن سراب حسبه الظمأن ماء في لحظة أمل ساذجة … يتبع للسنوات القادمة .

 


banner ocp
تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد